سلسلة تاريخ الديانات القديمة :
الإمام الجليل الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله تعالى .
سطور وجيزة للتعريف بالإمام رحمه الله تعالى :
نشأ الإمام في أسرة متدينة معروفة بالتقوى حيث بدأ بحفظ القرآن الكريم .
حصل على دبلوم دار العلوم من الخارج سنة 1927
تدرج في مراتب كلية الحقوق حتى وصل إلى رئاسة قسم الشريعة الإسلامية و بعد التقاعد عمل أستاذاً غير متفرغ
اشترك في إنشاء قسم الشريعة الإسلامية بمعهد الدراسات الإسلامية و معهد الدراسات العربية العالي التابع لجامعة الدول العربية و عمل به مدرساً و رئيساً
اختير عضواً لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سنة 1961 و مقرر للجنة بحوث القرآن و لجنة المتابعة و لجنة السنة المطهرة و شيخاً في لجان التقنين للمذهبين الحنفي و الشافعي
كان عضواً بكل من : مجلس جامعة الأزهر ، و المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، و معهد البحوث الجنائية و الاجتماعية ، و المجلس الأعلى للفنون و الآداب ، و مجلس محافظة القاهرة .
و ما برح ينهل من علمه الطلاب و الرواد حتى وافته المنية عام 1947 و لم يأفل نجم علمه بين العالمين .
رحمه الله تعالى رحمةً واسعة و جزاه كل خير .
بين يدي السلسلة :
دراسة متأنية متفحصة للديانات القديمة باختلاف طرائقها و دروبها مما كان يسود الفكر الإنساني في تلك الأحقاب في شرق البلاد و غربها .
تعرض الإمام رحمه الله تعالى للديانة المصرية القديمة و أظهر أن المصريين تميزوا بالتدين الشديد و بين أن منهم من كان موحداً لله تعالى كما أوضح معتقدهم عن الدار الآخرة .
كما تعرض للديانة البرهمية و هي الديانة الجديدة للهند و منشأ الوثنية فيها و أوضح معتقدهم عن النفس و خلودها و تناسخ الأرواح و كذلك بين ماهية الديانة البوذية و العلاقة بين البوذية و البرهمية و تعرض للديانة الكونفوشيوسية الصينية و أوضح آراء كونفوشيوس في الأخلاق و مذهبه في الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة .
حياكم الله يا أحباب ... بوركتم و زادكم الله من فضله .... اشكرك أخي الفاضل التاريخ على كلماتك المشجعة و التي عودتني عليها دوماً بارك الله فيك كذلك الشكر موصول للأخ الفاضل النسر معلمي الثاني و إلى الفريق النسائي المتميز الأخوات صدى تاريخ و روح الشرق و مشرفتنا الكريمة القمر المجهول ... هذه الحلقة الأولى من السلسلة ... أتمنى الفائدة لي و لكم فتابعوا ...
ـ الديانة المصرية القديمة ـ
قال الشيخ الإمام محمد أبو زهرة رحمه الله تعالى :
1 ـ أول ما يلاحظه الدارس لديانات العالم القديم أن أشد الأمم تديناً هم المصريون القدماء حتى لقد قال شيخ المؤرخين هيرودوت : " إن المصريين أشد البشر تديناً و لا يعرف شعب بلغ في التدين درجتهم فيه فإن صورهم بجملتها تمثل أناساً يصلون أمام إله و كتبهم في الجملة أسفار عبادة و نسك ."
و ذلك الكلام حق ـ فتلك الآثار الباقية التي تحكي لنا حياة المصريين جلها ـ قام على أساس من التدين و الاعتقاد و لولا انبعاث هذا الاعتقاد في النفس ما قامت تلك الأهرام و لا نصبت تلك الأحجار و لا شيدت هاتيك التماثيل التي لا تزال تسترعي الأنظار بجمالها و زخرفها و روعتها و قوة بنيانها و مغالبتها الزمان و هي قائمة الأركان ثابتة العمد ينحدر عنها الزمان و لا يزيدها القدم إلا روعة و بهاء ، لولا الاعتقاد المستكن في النفس بحياة الأرواح و وجودها في غلاف من الجسم لا يبلى ما اخترعوا تحنيط الأجسام الذي أبقى طائفة من الأجسام البشرية غبرت عليها السنون و هي لا تزال متماسكة لم تتحلل و لم تتأثر أشلاؤها .
2 ـ و لقد كانت شدة تدينهم سبباً في أن دخل الدين عنصراً عاملاً قوياً في كل أعمالهم الخاصة و العامة فالدين مسيطر حتى في الكتابة في الحاجات الخاصة و في الإرشادات الصحية و في أوامر الشرطة و سلطان الحكم و لقد تعددت بسبب ذلك الكائنات المقدسة و الأشياء التي يعتبر احترامها من احترام آلهتهم أو هي بذاتها تبلغ رتبة الآلهة و تصل إلى مكانتها في التقديس و العبادة و أن فلسفة المصريين نفسها ليست إلا صوراً للعقيدة و إعمالاً للفكر لكي يصل إلى ما يؤيدها و يجعلها منسجمة مع قضايا العقل أو على الأقل لكي يجعل القضايا الدينية متناسبة يتماسك بعضها مع بعض و لا تنافر بين أجزائها و يضعها في وحدة منطقية تجمعها و تضم متفرقها في إطار فكري واحد .
3 ـ و لقد شده بعض العلماء بحال التدين هذه التي شملت المصريين و تغلغلت في كل شيء عندهم إلى درجة تعاظم لديه أن يكونوا غير موحدين مع تلك القوة في التدين و التشدد فيه فزعم لهذا أنهم كانوا في الجملة موحدين و ممن وقع في هذا العلامة ماسبيرو فقد قال : " و كان إله المصريين واحداً فرداً كاملاً عالماً بصيراً لا يدرك بحس قائماً بنفسه حياً له الملك في السماوات و الأرض ، لا يحتويه شيء فهو أبو الآباء و أم الأمهات ، لا يفنى و لا يغيب ، يملأ الدنيا ليس كمثله شيء و يوجد في كل مكان "
و هذا كلام ليس من الحق في شيء لأن المصريين لم يكونوا موحدين و لذا أدرك هذا المؤلف خطأه فكتب في طبعة ثانية ما نصه : " تدلنا الآثار على أنه كان لكل من الرهبان منذ أزمان الأسرة الأولى آلهته الخاصة و هذه الآلهة مقسمة إلى ثلاثة فرق متباينة الأصول : آلهة الموتى ، و آلهة العناصر ، و الآلهة الشمسية "
الإمام الجليل الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله تعالى .
سطور وجيزة للتعريف بالإمام رحمه الله تعالى :
نشأ الإمام في أسرة متدينة معروفة بالتقوى حيث بدأ بحفظ القرآن الكريم .
حصل على دبلوم دار العلوم من الخارج سنة 1927
تدرج في مراتب كلية الحقوق حتى وصل إلى رئاسة قسم الشريعة الإسلامية و بعد التقاعد عمل أستاذاً غير متفرغ
اشترك في إنشاء قسم الشريعة الإسلامية بمعهد الدراسات الإسلامية و معهد الدراسات العربية العالي التابع لجامعة الدول العربية و عمل به مدرساً و رئيساً
اختير عضواً لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سنة 1961 و مقرر للجنة بحوث القرآن و لجنة المتابعة و لجنة السنة المطهرة و شيخاً في لجان التقنين للمذهبين الحنفي و الشافعي
كان عضواً بكل من : مجلس جامعة الأزهر ، و المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، و معهد البحوث الجنائية و الاجتماعية ، و المجلس الأعلى للفنون و الآداب ، و مجلس محافظة القاهرة .
و ما برح ينهل من علمه الطلاب و الرواد حتى وافته المنية عام 1947 و لم يأفل نجم علمه بين العالمين .
رحمه الله تعالى رحمةً واسعة و جزاه كل خير .
بين يدي السلسلة :
دراسة متأنية متفحصة للديانات القديمة باختلاف طرائقها و دروبها مما كان يسود الفكر الإنساني في تلك الأحقاب في شرق البلاد و غربها .
تعرض الإمام رحمه الله تعالى للديانة المصرية القديمة و أظهر أن المصريين تميزوا بالتدين الشديد و بين أن منهم من كان موحداً لله تعالى كما أوضح معتقدهم عن الدار الآخرة .
كما تعرض للديانة البرهمية و هي الديانة الجديدة للهند و منشأ الوثنية فيها و أوضح معتقدهم عن النفس و خلودها و تناسخ الأرواح و كذلك بين ماهية الديانة البوذية و العلاقة بين البوذية و البرهمية و تعرض للديانة الكونفوشيوسية الصينية و أوضح آراء كونفوشيوس في الأخلاق و مذهبه في الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة .
حياكم الله يا أحباب ... بوركتم و زادكم الله من فضله .... اشكرك أخي الفاضل التاريخ على كلماتك المشجعة و التي عودتني عليها دوماً بارك الله فيك كذلك الشكر موصول للأخ الفاضل النسر معلمي الثاني و إلى الفريق النسائي المتميز الأخوات صدى تاريخ و روح الشرق و مشرفتنا الكريمة القمر المجهول ... هذه الحلقة الأولى من السلسلة ... أتمنى الفائدة لي و لكم فتابعوا ...
ـ الديانة المصرية القديمة ـ
قال الشيخ الإمام محمد أبو زهرة رحمه الله تعالى :
1 ـ أول ما يلاحظه الدارس لديانات العالم القديم أن أشد الأمم تديناً هم المصريون القدماء حتى لقد قال شيخ المؤرخين هيرودوت : " إن المصريين أشد البشر تديناً و لا يعرف شعب بلغ في التدين درجتهم فيه فإن صورهم بجملتها تمثل أناساً يصلون أمام إله و كتبهم في الجملة أسفار عبادة و نسك ."
و ذلك الكلام حق ـ فتلك الآثار الباقية التي تحكي لنا حياة المصريين جلها ـ قام على أساس من التدين و الاعتقاد و لولا انبعاث هذا الاعتقاد في النفس ما قامت تلك الأهرام و لا نصبت تلك الأحجار و لا شيدت هاتيك التماثيل التي لا تزال تسترعي الأنظار بجمالها و زخرفها و روعتها و قوة بنيانها و مغالبتها الزمان و هي قائمة الأركان ثابتة العمد ينحدر عنها الزمان و لا يزيدها القدم إلا روعة و بهاء ، لولا الاعتقاد المستكن في النفس بحياة الأرواح و وجودها في غلاف من الجسم لا يبلى ما اخترعوا تحنيط الأجسام الذي أبقى طائفة من الأجسام البشرية غبرت عليها السنون و هي لا تزال متماسكة لم تتحلل و لم تتأثر أشلاؤها .
2 ـ و لقد كانت شدة تدينهم سبباً في أن دخل الدين عنصراً عاملاً قوياً في كل أعمالهم الخاصة و العامة فالدين مسيطر حتى في الكتابة في الحاجات الخاصة و في الإرشادات الصحية و في أوامر الشرطة و سلطان الحكم و لقد تعددت بسبب ذلك الكائنات المقدسة و الأشياء التي يعتبر احترامها من احترام آلهتهم أو هي بذاتها تبلغ رتبة الآلهة و تصل إلى مكانتها في التقديس و العبادة و أن فلسفة المصريين نفسها ليست إلا صوراً للعقيدة و إعمالاً للفكر لكي يصل إلى ما يؤيدها و يجعلها منسجمة مع قضايا العقل أو على الأقل لكي يجعل القضايا الدينية متناسبة يتماسك بعضها مع بعض و لا تنافر بين أجزائها و يضعها في وحدة منطقية تجمعها و تضم متفرقها في إطار فكري واحد .
3 ـ و لقد شده بعض العلماء بحال التدين هذه التي شملت المصريين و تغلغلت في كل شيء عندهم إلى درجة تعاظم لديه أن يكونوا غير موحدين مع تلك القوة في التدين و التشدد فيه فزعم لهذا أنهم كانوا في الجملة موحدين و ممن وقع في هذا العلامة ماسبيرو فقد قال : " و كان إله المصريين واحداً فرداً كاملاً عالماً بصيراً لا يدرك بحس قائماً بنفسه حياً له الملك في السماوات و الأرض ، لا يحتويه شيء فهو أبو الآباء و أم الأمهات ، لا يفنى و لا يغيب ، يملأ الدنيا ليس كمثله شيء و يوجد في كل مكان "
و هذا كلام ليس من الحق في شيء لأن المصريين لم يكونوا موحدين و لذا أدرك هذا المؤلف خطأه فكتب في طبعة ثانية ما نصه : " تدلنا الآثار على أنه كان لكل من الرهبان منذ أزمان الأسرة الأولى آلهته الخاصة و هذه الآلهة مقسمة إلى ثلاثة فرق متباينة الأصول : آلهة الموتى ، و آلهة العناصر ، و الآلهة الشمسية "