العمارة الإسلامية في مصر في عصر المماليك الجراكسة (البرجية)_ الجزء الثاني
10- مسجد السلطان إينال وضريحه بقرافة المماليك 855-860 هجرية = 1451-1456م
وتعتبر هذه المجموعة من المبانى من أهم المنشآت الأثرية التى أنشئت بقرافة المماليك ، فهى تتكون من قبة ومسجد - مدرسة - وخانقاه ، وهى وإن اعتدى عليها الزمان فأضاع بعض أجزائها إلا أنها احتفظت بأغلب معالمها ناطقة بما كانت عليه من روعة وجلال. ويستدل من الكتابات التاريخية على باب القبة ، ومن انفصال هذه القبة عن مبانى المسجد أن الفراغ من إنشائها كان فى سنة 855 هجرية = 1451م، عندما كان إينال أتابك للعساكر فى عهد الملك أبو سعيد جقمق أما الخانقاه والمسجد فقد أنشئا بعد أن ولى الملك ، فأنشئت الخانقاه سنة 858 هجرية = 1454م وأنشى المسجد سنة 860 هجرية = 1456م.
وتشرف وجهة هذه المجموعة الأثرية على شارع السلطان أحمد ، ويقع على امتدادها إلى الجنوب وجهة مسجد وقبة الأمير قرقماس المنشأتين فى سنة 913 هجرية = 1507م. ويقع ضريح إينال فى الطرف الشمالى من الوجهة وهى مربعة من أسفل تعلوها قاعدة هرمية الأركان فتح بكل وجهة بين كل ركنين ثلاثة شبابيك معقودة ومتجاورة يعلوها ثلاثة شبابيك مستديرة ، وترتكز على هذه القاعدة قبة فتح بدائر رقبتها شبابيك معقودة وحلى سطحها بخطوط متكسرة على هيئة دالات ، ويلى القبة وجهة المسجد وبصرفها الجنوبى المدخل بطاقيه المخوصة وبمقرنصاته الجميلة ، ويلى ذلك المنارة وهى قائمة بذاتها وتبتدئ من أسفل مربعة ثم مثمنة ثم مستديرة وتنتهى بالخوذة الحافلة بالزخارف المنوعة وبالمقرنصات البديعة وتعتبر من أرشق المنارات المملوكية وأجملها. وأنشئ المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد ، وهو مكون من صحن مكشوف تكتنفه أربعة إيوانات متقابلة كانت تغطيها أسقف خشبية فقدت جميعها ، وكان يكسو جدران رواق القبلة ، كما كان يكسو جدران القبة وزرة رخامية لم يبق منها إلا آثارها وبوسط جدار القبلة محراب حلى تجويفه بزخارف محفورة فى الحجر شأنه شأن المحراب الموجود بالقبة ، وبأسفل أرض المسجد خلوات مفتوحة على فضاء يحيط به بقايا مبانى الخانقاه التى زال الكثير من أجزائها وأهم ما بقى منها بابها الواقع بالوجهة الشمالية
11- مدرسة و ضريح السلطان قايتباي بالقرافة الشرقية (1472 م – 1474 م)
السلطان قايتباي هو السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي الجركسي.
تعتبر مجموعة قايتباي بالقرافة الشرقية من ابدع و أجمل المجموعات المعمارية في مصر الأسلامية و ترجع أهميتها إلي جمال تنسيق المجموعة مع بعضها و هي تتكون من مدرسة و مسجد و سبيل و كتاب و ضريح و مئذنة و قد لعبت دقة الصناعة و كذا جمال النسب دوراً هاماً في إبراز جمال هذا الأاثر المعماري القديم.
و يتكون المسقط الأفقي من صحن مربع محاط بأربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة، و يكتنف المحراب من جهتيه نافذتان شكلهما من الخارج داخل تجويف مستطيل الشكل و من الداخل يظهران معقودان و يعلوهما نوافذ مدببة تملؤها أجزاء من الزجاج الملون، و أسقف الإيوان الرئيسي من الخشب المزخرف بنقوش مذهبة. و بجوار إيوان الصلاة الضريح الذي يبرز قليلاً عن الواجهة الجانبية و مغطي من أعلاه بقبة حجرية محمولة علي مقرنصات مزخرفة من الخارج بزخارف نباتية داخل مناطق هندسية محفورة علي الحجر.
و ينسب لقايتباي آثار أخري من أهمها مسجده المجاور لمسجد سلار و سنجر الجاولي و قد أنشأ قايتباي أيضاً عدة أسبلة و وكالات كما قام بعدة إضافات بجامع الأزهر.
وتعتبر منارته اجمل المآذن المملوكية طرا سواء من حيث تناسب أجزائها أو روعة زخرفها وحسن توزيعها كذلك القبة تعتبر من أجمل القباب المملوكية بزخارفها البديعة المحفورة فى الحجر ، وما يقال عن المنارة والقبة يقال عن باقى أجزاء الوجهة سواء فى ذلك تناسبها ووفرة زخارفها. وقد أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن مسقوف بوسط سقفه شخشيخة وتشرف عليه أربعة عقود تفتح إلى أربعة إيوانات متقابلة أكبرها إيوان القبلة ، وعلى أوجه هذه العقود طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وتاريخ الإنشاء 877 هجرية. وتزد ان أسقف الإيوانات الأربعة والصحن بنقوش مذهبة جميلة امتازت بهدوء ألوانها وتجانسها ، وبصدر إيوان القبلة محراب حليت طاقيته بتلابيس من الحجر الأحمر على شكل شرفات ويقوم بجواره منبر خشبى جمعت ريشتاه وبابه على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات من السن المحفور بزخارف دقيقة ، وقد صنع كرسى السورة الذى بالقبة ودلف الدواليب الحائطية بالمسجد على وتيرة المنبر أى على هيئة أشكال هندسية مجمعة وحشوات من السن المحفور وكلها تنطق برقة الصناعة ودقتها. وتقوم القبة بجانب إيوان القبلة وهى كباقى أجزاء المسجد غنية بالزخارف والنقوش ، ويكسو الجزء السفلى من حوائطها وزرة من الرخام الملون يعلوه طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وأدعية له وبعض آيات قرآنية ثم تاريخ الفراغ من بناء القبة 879 هجرية ، وبحوائط القبة من أعلى كما بحوائط الإيوانات شبابيك من الجص المفرغ الدقيق المحلى بالزجاج الملون، هذا وقد فرشت أرض القبة والصحن والإيوانات بالرخام الملون. والواقع أن مهندس هذا المسجد قد إجاد فى هندسة بنائه وأبدع فى زخرفته ونقشه ولم يبخل عليه قايتباى بمال فجاء تحفة تجمعت فيها روائع الفن، ولهذا كان محل عناية لجنة حفظ الآثار العربية فى أواخر القرن التاسع عشر فاهتمت بتدعيم مبانيه وقامت بإصلاحه وتجديده وتناولت أعمالها إصلاح نجارته ورخامه وتجديد نقوشه وشبابيكه الجصية بحيث أصبح بالحالة التى نراه عليها الآن.
12- مسجد ومدرسة أبو بكر مزهر 884 هجرية = 1479/ 80م
يقع هذا المسجد بحارة برجوان بحى الجمالية، أنشأه فى سنة 884 هجرية = 1479/ 80م أبو بكر مزهر الذى تلقى علومه بمصر حتى نبغ فيها وحصل على إجازة التدريس والإفتاء، وصار من أفاضل العلماء، وقد ولى عدة وظائف سامية، كان آخرها ولايته لديوان الإنشاء فى أيام الملك الأشرف قايتباى. يعتبر هذا المسجد من النماذج الرائعة للمساجد التى أنشئت فى عصر الملك الأشرف قايتباى، إذ تتمثل فيه وفى نظرائه من المساجد التى أنشئت فى هذه الحقبة من الزمن - مثل مسجد قجماس الأسحاقى ومسجد أزبك اليوسفى، براعة التخطيط وجمال التناسب، ودقة الصناعات المختلفة ووفرتها وبلوغها شأوا عظيما من الإتقان، كل هذه ناطقة وواضحة فى منبره وشبابيكه وأبوابه، كما فى وزرته الرخامية الجميلة وأرضياته البديعة. ولهذا المسجد وجهتان، يقع المدخل الرئيس بالواجهة الشرقية منهما، ويمتاز بزخارفه الجميلة المحفورة فى الرخام والحجر، وببابه المغشى بالنحاس المزخرف بأشكال هندسية، ويعلو هذا المدخل المنارة وهى مكونة من ثلاث دورات، وهى كمثيلاتها المعاصرة لها حافلة بالزخارف والمقرنصات وبالواجهة القبلية باب يوصل إلى دورة المياه وإلى السبيل والكتاب الملحقين بالمسجد. ويؤدى المدخل الرئيس إلى ردهة صغيرة على يسارها شباك مفتوح على إيوان القبلة وعلى يمينها طرقة إلى الصحن.
وقد بنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، فهو يتكون من صحن مسقوف يحيط به أربعة إيوانات، إيوان القبلة والإيوان المقابل له فتح كل منهما على الصحن بثلاثة عقود محمولة على عمودين من الرخام، والإيوانان الجانبيان فتح كل منهما بعقد واحد، وقد شاهدنا هذا التخطيط فى مسجد أصلم السلحدار المنشأ و فى بعض المساجد الأخرى، وهى قليلة العدد، إذ المألوف فى تخطيط المدارس الأخرى أن إيواناتها جميعا تفتح على الصحن بعقد واحد. وقد فرشت أرض الصحن وأرضيته الإيوانات بالرخام الملون بتقاسيم هندسية جميلة ويحيط بجدار إيوان القبلة وزرة مرتفعة من الرخام الملون يتوسطها محراب رخامى جميل يقوم إلى يمينه منبر خشبى دقيق الصنع، تعلوها شبابيك من الجص المفرع المحلى بالزجاج الملون، وقد سجل الصانع الذى قام بأعمال الزخرفة والنقوش فى المسجد اسمه فى وسط عقد الشباك المجاور للمحراب بأن كتب : - عمل عبد القادر النقاش- وهذه ظاهرة نادرة الوجود، إذ أننا نشاهد عادة ضمن الكتابات الموجودة بالمساجد الأثرية اسم المنشئ سواء أكان ملكا أو أميرا، وفى الغالب الأعم نجهل اسم المهندس الذى قام بوضع تصميم المسجد أو الصانع الذى ساهم فى نقشه وزخرفته. ولا تقل أسقف المسجد عن غيرها من أجزائه المختلفة روعة وجمالا، فهى مصنوعة من الخشب على شكل مربعات وطبال منقوشة بزخارف دقيقة مموهة بالذهب.
13- قبة الفداوية بالعباسية 884/ 86 هجرية = 1479/ 81م.
تقع هذه القبة فى منطقة العباسية، أنشأها الأمير يشبك من مهدى أحد أمراء المماليك الجراكسة، وكان فى الأصل أحد مماليك الظاهر أبو سعيد جقمق، وتقلب فى عهده فى عدة وظائف، وعين كاشفا للصعيد فى عهد الظاهر خوشقدم، وفى أيام السلطان قايتباى وصل إلى أرقى المناصب فعين دويدارا وأسندت إليه - علاوة على ذلك - الوزارة والاستادارية - نظام الخاصة الملكية- وصار صاحب الأمر والنهى فى الدولة، وكان يشبك محبا للعلوم والفنون شغوفا بالعمارة والتنظيم، فعمل على إصلاح الطرق وتوسيعها وتجميل الوجهات المطلة عليها، وقد كانت المنطقة الواقعة شمال حى الحسينية الآن مشتملة على كثير من المقابر والدور، فأمر بهدمها وأقام بهذه المنطقة منشآت عديدة لم يبق منها سوى القبة التى نتكلم عنها الآن، وقد أنشأها سنة 884 هجرية = 1479/ 80م، وتوفى الأمير يشبك سنة 885 هجرية = 1480م، ولما تكمل بعض أعمال بداخلها، إذ يقول ابن إياس إن الملك الأشرف قايتباى زارها فى سنة 886 هجرية = 1481م وأمر الأمير تغرى بردى بأن يكمل عمارتها.
10- مسجد السلطان إينال وضريحه بقرافة المماليك 855-860 هجرية = 1451-1456م
وتعتبر هذه المجموعة من المبانى من أهم المنشآت الأثرية التى أنشئت بقرافة المماليك ، فهى تتكون من قبة ومسجد - مدرسة - وخانقاه ، وهى وإن اعتدى عليها الزمان فأضاع بعض أجزائها إلا أنها احتفظت بأغلب معالمها ناطقة بما كانت عليه من روعة وجلال. ويستدل من الكتابات التاريخية على باب القبة ، ومن انفصال هذه القبة عن مبانى المسجد أن الفراغ من إنشائها كان فى سنة 855 هجرية = 1451م، عندما كان إينال أتابك للعساكر فى عهد الملك أبو سعيد جقمق أما الخانقاه والمسجد فقد أنشئا بعد أن ولى الملك ، فأنشئت الخانقاه سنة 858 هجرية = 1454م وأنشى المسجد سنة 860 هجرية = 1456م.
وتشرف وجهة هذه المجموعة الأثرية على شارع السلطان أحمد ، ويقع على امتدادها إلى الجنوب وجهة مسجد وقبة الأمير قرقماس المنشأتين فى سنة 913 هجرية = 1507م. ويقع ضريح إينال فى الطرف الشمالى من الوجهة وهى مربعة من أسفل تعلوها قاعدة هرمية الأركان فتح بكل وجهة بين كل ركنين ثلاثة شبابيك معقودة ومتجاورة يعلوها ثلاثة شبابيك مستديرة ، وترتكز على هذه القاعدة قبة فتح بدائر رقبتها شبابيك معقودة وحلى سطحها بخطوط متكسرة على هيئة دالات ، ويلى القبة وجهة المسجد وبصرفها الجنوبى المدخل بطاقيه المخوصة وبمقرنصاته الجميلة ، ويلى ذلك المنارة وهى قائمة بذاتها وتبتدئ من أسفل مربعة ثم مثمنة ثم مستديرة وتنتهى بالخوذة الحافلة بالزخارف المنوعة وبالمقرنصات البديعة وتعتبر من أرشق المنارات المملوكية وأجملها. وأنشئ المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد ، وهو مكون من صحن مكشوف تكتنفه أربعة إيوانات متقابلة كانت تغطيها أسقف خشبية فقدت جميعها ، وكان يكسو جدران رواق القبلة ، كما كان يكسو جدران القبة وزرة رخامية لم يبق منها إلا آثارها وبوسط جدار القبلة محراب حلى تجويفه بزخارف محفورة فى الحجر شأنه شأن المحراب الموجود بالقبة ، وبأسفل أرض المسجد خلوات مفتوحة على فضاء يحيط به بقايا مبانى الخانقاه التى زال الكثير من أجزائها وأهم ما بقى منها بابها الواقع بالوجهة الشمالية
11- مدرسة و ضريح السلطان قايتباي بالقرافة الشرقية (1472 م – 1474 م)
السلطان قايتباي هو السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي الجركسي.
تعتبر مجموعة قايتباي بالقرافة الشرقية من ابدع و أجمل المجموعات المعمارية في مصر الأسلامية و ترجع أهميتها إلي جمال تنسيق المجموعة مع بعضها و هي تتكون من مدرسة و مسجد و سبيل و كتاب و ضريح و مئذنة و قد لعبت دقة الصناعة و كذا جمال النسب دوراً هاماً في إبراز جمال هذا الأاثر المعماري القديم.
و يتكون المسقط الأفقي من صحن مربع محاط بأربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة، و يكتنف المحراب من جهتيه نافذتان شكلهما من الخارج داخل تجويف مستطيل الشكل و من الداخل يظهران معقودان و يعلوهما نوافذ مدببة تملؤها أجزاء من الزجاج الملون، و أسقف الإيوان الرئيسي من الخشب المزخرف بنقوش مذهبة. و بجوار إيوان الصلاة الضريح الذي يبرز قليلاً عن الواجهة الجانبية و مغطي من أعلاه بقبة حجرية محمولة علي مقرنصات مزخرفة من الخارج بزخارف نباتية داخل مناطق هندسية محفورة علي الحجر.
و ينسب لقايتباي آثار أخري من أهمها مسجده المجاور لمسجد سلار و سنجر الجاولي و قد أنشأ قايتباي أيضاً عدة أسبلة و وكالات كما قام بعدة إضافات بجامع الأزهر.
وتعتبر منارته اجمل المآذن المملوكية طرا سواء من حيث تناسب أجزائها أو روعة زخرفها وحسن توزيعها كذلك القبة تعتبر من أجمل القباب المملوكية بزخارفها البديعة المحفورة فى الحجر ، وما يقال عن المنارة والقبة يقال عن باقى أجزاء الوجهة سواء فى ذلك تناسبها ووفرة زخارفها. وقد أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن مسقوف بوسط سقفه شخشيخة وتشرف عليه أربعة عقود تفتح إلى أربعة إيوانات متقابلة أكبرها إيوان القبلة ، وعلى أوجه هذه العقود طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وتاريخ الإنشاء 877 هجرية. وتزد ان أسقف الإيوانات الأربعة والصحن بنقوش مذهبة جميلة امتازت بهدوء ألوانها وتجانسها ، وبصدر إيوان القبلة محراب حليت طاقيته بتلابيس من الحجر الأحمر على شكل شرفات ويقوم بجواره منبر خشبى جمعت ريشتاه وبابه على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات من السن المحفور بزخارف دقيقة ، وقد صنع كرسى السورة الذى بالقبة ودلف الدواليب الحائطية بالمسجد على وتيرة المنبر أى على هيئة أشكال هندسية مجمعة وحشوات من السن المحفور وكلها تنطق برقة الصناعة ودقتها. وتقوم القبة بجانب إيوان القبلة وهى كباقى أجزاء المسجد غنية بالزخارف والنقوش ، ويكسو الجزء السفلى من حوائطها وزرة من الرخام الملون يعلوه طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وأدعية له وبعض آيات قرآنية ثم تاريخ الفراغ من بناء القبة 879 هجرية ، وبحوائط القبة من أعلى كما بحوائط الإيوانات شبابيك من الجص المفرغ الدقيق المحلى بالزجاج الملون، هذا وقد فرشت أرض القبة والصحن والإيوانات بالرخام الملون. والواقع أن مهندس هذا المسجد قد إجاد فى هندسة بنائه وأبدع فى زخرفته ونقشه ولم يبخل عليه قايتباى بمال فجاء تحفة تجمعت فيها روائع الفن، ولهذا كان محل عناية لجنة حفظ الآثار العربية فى أواخر القرن التاسع عشر فاهتمت بتدعيم مبانيه وقامت بإصلاحه وتجديده وتناولت أعمالها إصلاح نجارته ورخامه وتجديد نقوشه وشبابيكه الجصية بحيث أصبح بالحالة التى نراه عليها الآن.
12- مسجد ومدرسة أبو بكر مزهر 884 هجرية = 1479/ 80م
يقع هذا المسجد بحارة برجوان بحى الجمالية، أنشأه فى سنة 884 هجرية = 1479/ 80م أبو بكر مزهر الذى تلقى علومه بمصر حتى نبغ فيها وحصل على إجازة التدريس والإفتاء، وصار من أفاضل العلماء، وقد ولى عدة وظائف سامية، كان آخرها ولايته لديوان الإنشاء فى أيام الملك الأشرف قايتباى. يعتبر هذا المسجد من النماذج الرائعة للمساجد التى أنشئت فى عصر الملك الأشرف قايتباى، إذ تتمثل فيه وفى نظرائه من المساجد التى أنشئت فى هذه الحقبة من الزمن - مثل مسجد قجماس الأسحاقى ومسجد أزبك اليوسفى، براعة التخطيط وجمال التناسب، ودقة الصناعات المختلفة ووفرتها وبلوغها شأوا عظيما من الإتقان، كل هذه ناطقة وواضحة فى منبره وشبابيكه وأبوابه، كما فى وزرته الرخامية الجميلة وأرضياته البديعة. ولهذا المسجد وجهتان، يقع المدخل الرئيس بالواجهة الشرقية منهما، ويمتاز بزخارفه الجميلة المحفورة فى الرخام والحجر، وببابه المغشى بالنحاس المزخرف بأشكال هندسية، ويعلو هذا المدخل المنارة وهى مكونة من ثلاث دورات، وهى كمثيلاتها المعاصرة لها حافلة بالزخارف والمقرنصات وبالواجهة القبلية باب يوصل إلى دورة المياه وإلى السبيل والكتاب الملحقين بالمسجد. ويؤدى المدخل الرئيس إلى ردهة صغيرة على يسارها شباك مفتوح على إيوان القبلة وعلى يمينها طرقة إلى الصحن.
وقد بنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، فهو يتكون من صحن مسقوف يحيط به أربعة إيوانات، إيوان القبلة والإيوان المقابل له فتح كل منهما على الصحن بثلاثة عقود محمولة على عمودين من الرخام، والإيوانان الجانبيان فتح كل منهما بعقد واحد، وقد شاهدنا هذا التخطيط فى مسجد أصلم السلحدار المنشأ و فى بعض المساجد الأخرى، وهى قليلة العدد، إذ المألوف فى تخطيط المدارس الأخرى أن إيواناتها جميعا تفتح على الصحن بعقد واحد. وقد فرشت أرض الصحن وأرضيته الإيوانات بالرخام الملون بتقاسيم هندسية جميلة ويحيط بجدار إيوان القبلة وزرة مرتفعة من الرخام الملون يتوسطها محراب رخامى جميل يقوم إلى يمينه منبر خشبى دقيق الصنع، تعلوها شبابيك من الجص المفرع المحلى بالزجاج الملون، وقد سجل الصانع الذى قام بأعمال الزخرفة والنقوش فى المسجد اسمه فى وسط عقد الشباك المجاور للمحراب بأن كتب : - عمل عبد القادر النقاش- وهذه ظاهرة نادرة الوجود، إذ أننا نشاهد عادة ضمن الكتابات الموجودة بالمساجد الأثرية اسم المنشئ سواء أكان ملكا أو أميرا، وفى الغالب الأعم نجهل اسم المهندس الذى قام بوضع تصميم المسجد أو الصانع الذى ساهم فى نقشه وزخرفته. ولا تقل أسقف المسجد عن غيرها من أجزائه المختلفة روعة وجمالا، فهى مصنوعة من الخشب على شكل مربعات وطبال منقوشة بزخارف دقيقة مموهة بالذهب.
13- قبة الفداوية بالعباسية 884/ 86 هجرية = 1479/ 81م.
تقع هذه القبة فى منطقة العباسية، أنشأها الأمير يشبك من مهدى أحد أمراء المماليك الجراكسة، وكان فى الأصل أحد مماليك الظاهر أبو سعيد جقمق، وتقلب فى عهده فى عدة وظائف، وعين كاشفا للصعيد فى عهد الظاهر خوشقدم، وفى أيام السلطان قايتباى وصل إلى أرقى المناصب فعين دويدارا وأسندت إليه - علاوة على ذلك - الوزارة والاستادارية - نظام الخاصة الملكية- وصار صاحب الأمر والنهى فى الدولة، وكان يشبك محبا للعلوم والفنون شغوفا بالعمارة والتنظيم، فعمل على إصلاح الطرق وتوسيعها وتجميل الوجهات المطلة عليها، وقد كانت المنطقة الواقعة شمال حى الحسينية الآن مشتملة على كثير من المقابر والدور، فأمر بهدمها وأقام بهذه المنطقة منشآت عديدة لم يبق منها سوى القبة التى نتكلم عنها الآن، وقد أنشأها سنة 884 هجرية = 1479/ 80م، وتوفى الأمير يشبك سنة 885 هجرية = 1480م، ولما تكمل بعض أعمال بداخلها، إذ يقول ابن إياس إن الملك الأشرف قايتباى زارها فى سنة 886 هجرية = 1481م وأمر الأمير تغرى بردى بأن يكمل عمارتها.