أولا :التعليم عند ظهور الاسلام
من المعروف أن كل النشآت أو المؤسسات أو البانى لا تقام إلا لفائدة أوغرض معين أو وظيفة مثل المساجد فالهدف من إنشائها هو صلاة السلمين بها ومن أهم هذه النشآت هى المدارس وذلك إنطلاقا من دعوة الإسلام للعلم والتعليم كما فى قوله تعالى (أقرأ باسم ربك الذي خلق )صدق الله العظيم 0 وكذلك حث النبي على طلب العلم واشد بقيمة العلماء حيث قال صلى الله علية وسلم (لا عروة في طلب العلم أحب إلى الله من مائة غزوة)صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم 0 وكذلك قوله صلى الله علية وسلم (يوزن يوم القيامة عاد العلماء بدماء الشهداء )صدق رسول الله صلى الله غليه وسلم (1)0
تسمية المدارس لم ينتشر قبل القرن 5هـ ـــ11م فقدا تخذ معاهد العلم التي أنشأت بجوار المساجد أسماء أخرى كدار الحكمة وبيت الحكمة ودار العلم بجانب المكتبات 0 ويبدوان سبب التسمية قد جاء من الوظيفة التى أنشأت من أجلها وهى دراسة الفقه السني القائم على دراسة كتاب الله العزيز ويبدو أنه كان لدعوه كتاب الله إلى دراسته أثر كبير فى هذه التسمية وقد جاء نص ذلك فى اكثر من موضع فى قوله تعالى (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست وبنيته لقوم يعلمون ) صدق الله العظيم ، وكان الاهتمام فى أول الامر بالعلوم الدينية ثم بالعلوم الدنيوية 0
وإذا تتبعنا أولا حركة التعليم منذ ظهور الاسلام فأننا نجد عدد المسلمين الذين كانوا يعرفون الكتابة على يد الرسول كانوا قليلا وقد استخدمهم الرسول كلهم أو جلهم للكتابة بين يديه وكذلك الراغبين في تعلمها وكان التعليم يجرى في منازل الملمين وقد خصص هؤلاء حجرة فى بيوتها لاستقبال الطلاب وتعليمهم 0 وتعتبر عملية تدوين القرآن من أول وأهم العمليات التعليمية التي قام بها المسلمون الأوائل ثم انتقل التعليم ودروس العلم إلى المساجد ثم انتشرت المدارس فى القرن الخامس الهجري ــ11م0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد عبد الستار عثمان : النظرية الوظيفية بالعمائر الدينية المملوكية البقية بمدينة القاهرة . القاهرة ،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر .
لم تكن حلقات الدروس فى المساجد مقصورة على الدراسات الدينية فقط فقد درست علوم اللغة والمنطق والطب0 وكان بالمسجد أكثر من حلقة لأكثر من درس وغدت القيمة العلمية للطالب تتناسب مع عدد الشيوخ الذين حضر عليهم طلبا للعلم وعدد الرحلات التى قام بها فى سبل ذلك وإلى جانب ذلك المساجد كانت تعقد حلقات العلم فى أماكن مختلفة كقصور الخلفاء والأمراء ومنازل العلماء والمكتتبات وكذلك كانت منتديات الأدب والعلم من الأماكن التى يلتقي بها رجال الفكر والادب ويدعوا إليها الخلفاء والأمراء وقد ساهمت هذه المنتديات في النهضة العلمية 0(1)
ثانيا : التعليم فى عهد الخلفاء العباسين
كانت ظاهرة انتشار المدارس من ابرز سمات الحياة العلمية فى العصر العباسى الثانى وخاصة بعد أن أسست نظام الملك وزير السلطان ملكشاه السلجوقى مدرستة الشهيرة فى بغداد 0 ولم تلبث الحركة المدرسية أن انطلقت فى الإسلام منذ سنة 459هــ إذت صارت المدارس بدلا من الجامع والمسجد هو المكان الرئيسي للدرس والتحصيل فضلا عن أتخاذها قلعة لنشر المذاهب السنية وشن الحرب على الشيعة ومحاربة التشيع 0 (2)
وكذلك كان الخلفاء العباسين يعدون أنفسهم حملة العلم ويسرون أن قصورهم يجب ان تكون مراكز التشيع فيها الثقافة ويلتقي فيها العلماء والأدباء وقد ذكر أن المعتصم بالله خصص في قصره دور أو مساكن ورتب فى كل موضع رؤساء كل صنعة ومذهب من مذاهب العلوم النظرية والعلمية وأجرى عليهم الارزقاء ، ويعتبر عصر المأمون نقطة تحول خطيرة فى تاريخ النهضة العلمية الإسلامية وقد بلغت الترجمة أوجها فى عصره وبفضل حركة الترجمة انضم تيار آخر من تيارات العلم الى جانب تيار الدراسات الدينية واللغوية الاسلامية فتنوعت النهضة العلمية واتسعت أفاقها (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) محمد عبد الستار: نظرية الوظيفة000 ص 50
(2)عبد الحميد يونس وآخرون : تاريخ وأثار مصر000 ص 1147
(3)محمد عبد الستار:نظرية الوظيفة000 صــــــ50،51